رام الله-فلسطين برس- قال الرئيس محمود عباس، اليوم، إنه ليس من حق السلطة الوطنية أن تقدم طلب أو تسحب طلب أو تؤجل طلب، 'لأننا أعضاء مراقبون في مجلس حقوق الإنسان كما أننا أعضاء مراقبون في الأمم المتحدة'.
وأضاف سيادته، في مقابلة خاصة مع التلفزيون اليمني، 'طلبنا تشكيل لجنة لإجراء الاتصالات اللازمة مع كل الجهات المعنية لنقول للعالم ما هي حقيقة تأجيل تقرير غولدستون'.
وأشار إلى أنه عندما صدر تقرير غولدستون 'رحبنا به وكذلك العالم العربي، وكنا سعداء بأن يأخذ مجراه ليصل إلى الجهات المعنية لاتخاذ القرارات المناسبة ويعرض على مجلس حقوق الإنسان'.
وقال سيادته: 'كان هناك مجادلات ونقاشات مطولة أدت بالنتيجة إلى ما يلي بالضبط: أن الدول الكبرى وهي (أميركا، وأوروبا، وروسيا، والصين) وجدت أن هذا الموضوع يحتاج إلى مزيد من البحث فتحاورت فيه مع الدول الإقليمية العربية والإفريقية والإسلامية ودول عدم الانحياز، أي الدول الأعضاء في هذا المجلس وهي 48 دولة تشاورت فيما بينها وتم التوافق إلى تأجيل عرض هذا التقرير إلى شهر آذار المقبل، ولكن لم نسمع دولة واحدة قالت نحن لم نقبل، ورفضنا أو عرض علينا ولم نعطي جوابا، والكل توجه إلى السلطة الوطنية يحملها المسؤولية، تلك السلطة التي ليس من حقها أن تقدم الطلب أو تلغي الطلب أو تؤجل الطلب، هذه ملامح الحقيقة ومع ذلك لا بد أن تسأل الناس، فشكلنا لجنة لمزيد من التوضيح حول هذه القضية، كل من يدعي أنه لم يوافق من الدول الأعضاء كلامه غير صحيح'.
ونفى سيادته ما قيل حول ممارسة وزير الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون الضغوط عليه لتأجيل التقرير، مبينا أن كلينتون اتصلت به بعد 48 ساعة من قرار التأجيل وليس قبل ذلك، مضيفا 'إذا كانت هناك ضغوط حصلت من دول على دول ومن أطراف على أطراف فهذا ما تم في المجلس نفسه، وما جعل كثيرا من الدول ترى أن من المناسب والأفضل أن يتم التأجيل، لذلك صدر قرار تأجيل بموافقة الجميع'.
وأضاف أن الإعلام العربي والدولي والإسرائيلي حمل السلطة الوطنية المسؤولية، 'فنحن الذين لا يحق لنا تقديم طلب أو سحب أو إلغاء طلب، فكيف أولئك الذين لديهم الحق بالطلب أو السحب أو التأجيل لم يسمع صوتهم، فهل يعقل أن السلطة الوطنية تجر 48 دولة على موافقة أمر ما من غير موافقتها، علما أننا رحبنا بالتقرير وأيدناه وقلنا يجب أن يصل التقرير إلى آخر مدى'.
وأوضح أنه إذا كانت هناك ضغوط 'فيجب أن نسأل عمن مارس هذه الضغوط، ومن مورست عليه حتى خرج الجميع بموقف من هذا النوع، فلم أسمع أن دولة واحدة قالت رفضنا التأجيل، فيمكن أن يكون هناك ضغوط إسرائيلية أو أميركية أو روسية أو أوروبية أو صينية، فالدول الأخرى التي كانت معنية بتأجيل التصويت كان التشاور بينها مع الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن، وخرجت جميعها بهذا القرار، عندما شعرت بعض الدول المعنية بعدم حصول هذا القرار بالأغلبية الضرورية اتفقت، لكن أنا لا يهمني هذا، يهمني أن الجميع وافق فلماذا الآن يحملوني المسؤولية وللسلطة الوطنية'.
وحول موضوع إفراج سلطات الاحتلال الإسرائيلي عن 20 أسيرة قبل يومين، قال السيد الرئيس 'أنظر لهذا الموضوع من زاوية واحدة وهي أن 20 أسيرة فلسطينية خرجن من السجن، قد يكون الثمن غال أو رخيص وهذا ليس ما يهمني، القضية أن عددا من الأسرى خرج وهذا يعطي أملا لأعداد كثيرة من الأسرى لتخرج، حيث يوجد 11 ألف أسير لا بد أن نعمل دائما وأبدا على إخراجهم بكل الوسائل'.
وحول الحوار الوطني، قال 'قبل أسبوعين قدمت لنا مصر رؤيتها للحل ولكل الفصائل، ثم بعد ذلك التقت مع حركة حماس، فقبل أسبوعين قدمت لنا رؤيتها وما هو موقف حماس وموقف التنظيمات الأخرى وموقف مصر، ونحن أجبنا عن هذا بإجابة إيجابية؛ بمعنى أن مصر اقترحت جعل الانتخابات التشريعية والرئاسية والمجلس الوطني، أن تكون بدلا من 24 كانون الثاني بأن تكون في النصف الأول من العام المقبل، ونحن وافقنا على هذا الحل المرن الذي قدمته مصر، وقلنا نحن مستعدون لأي حل تقترحونه لا يأتي بحصار للسلطة الوطنية ولا يتناقض مع القانون الأساسي، هذا ما كان جوابنا والآن لا ندري بما سيأتي لنا الأخوة المصريون على ضوء لقاءاتهم مع حماس'.
وأضاف: 'جميع المبادرات المصرية بما فيها مبادرة صنعاء تصب في خانة واحدة وهي إنهاء الحالة الشاذة التي يعيشها الشعب الفلسطيني، والتفاصيل كثيرة ولكنها غير مهمة والهدف الأساسي هو الوصول إلى وحدة وطنية'.
وبين سيادته أنه لا يوجد أي تعارض أو تناقض منذ مبادرة صنعاء حتى المبادرات المصرية التي جاءت مؤخرا، وبالتالي 'نتمنى أن نصل إلى حل وإذا توافقنا على حلول مرحلية وحددنا موعد الانتخابات وهذا شيء جيد، وحتى إذا لم نتوافق واتفقنا على الانتخابات هذا أيضا أمر جيد، لأننا بالأخير لا بد أن نحتكم للشعب، فإن حركة حماس نجحت في الانتخابات التشريعية من خلال صندوق الاقتراع والآن عليها أن تقبل خاصة وقد انتهت مدة المجلس التشريعي وكذلك الرئاسة، فلا بد أن نحتكم للشعب مرة أخرى ومن ينجح في الانتخابات يذهب إلى السلطة'.
وقال السيد الرئيس 'هناك لاعبون كثيرون يحاولون أن يعرقلوا التوصل إلى اتفاق، ولكن لا نريد أن نتطرق إليهم لأننا نحاول أن نصب جهدنا فقط على الاتفاق، وإذا لم نستطع أن نصب في التفاصيل فعلينا أن نحتكم للشرعية، وصندوق الاقتراع هو الحكم الفصل في حل كل هذه المشكلة، وأي تنازلات نحن مستعدون لها من أجل حل القضية الفلسطينية، لأن أي تمسك بقضايا شخصية أو حزبية هي جريمة وطنية بلى أدنى شك، فإذا كانت القضية تتطلب أي تنازلات حزبية أو شخصية ولا يقبل بها الإنسان فهو يخون شعبه'.
وأضاف: 'لا نستطيع أن نتوصل إلى حل لموضوع الوسائل الإعلامية التي تؤجج النار، وإن وسائل إعلام في العالم العربي وغير العالم العربي هي التي تؤجج النار أكثر من أي شيء آخر، فلو أحسنت النية وأخلصتها ربما يعطينا هذا 90% من حل المشكلة'.
وتابع سيادته: 'فصائل منظمة التحرير الفلسطينية متفقة على أنه لا بد من حل، ولا أعرف ما هي أهداف حماس، وبالتالي أسال نفسي دائما ماذا تريد حماس، وبالنسبة للدول العربية والإسلامية هي تبذل جهودا، وإن أظهرت بعض هذه الدول انحيازا إلى هذه جهة أو تلك، لكن بالمجمل الموقف العربي والإسلامي يتمنى حلا لأن القضية الفلسطينية ليست قضية للشعب الفلسطيني وحده، وإنما هي قضية الأمة العربية والإسلامية، وأتوقع من الزعماء العرب أن يدفعوا باتجاه الوحدة الوطنية وأن يدفعوا باتجاه دعم الشعب الفلسطيني، وأن يستمروا في الدفع باتجاه القضية الفلسطينية، وأن يخففوا من تحيز بعضهم هنا أو هناك'.
وأشار إلى أن 'الشعوب العربية منذ نشأت القضية الفلسطينية وهي تعيشها أجيالا بعد أجيال، فليس الجيل الحالي هو الذي يعلم القضية وليس الذي قبله أو قبله، فربما على مدى ربما قرن من الزمن، إن الشعوب العربية التي لم تر فلسطين بل سمعت في القضية من أقصى المغرب إلى أقصى المشرق، تريد فعلا حلا لهذه القضية لسبب أساسي غير أنها جزء من الأمة العربية، قدسية القضية الفلسطينية لكل العرب والمسلمين الذين يعلمون أن القدس هي أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين، قدسية القدس دون أن يرونها أو يزورونها'.
وأكد سيادته أن حل قضية اللاجئين وحق العودة أحد القضايا الأساسية التي ثبتت في أوسلو، وقال: 'نحن تحدثنا في أوسلو عن 'القدس، والحدود، والمستوطنات، واللاجئين، والمياه، والقضايا الأمنية'، وما زالت هذه على أجندتنا، فعندما كانت حكومة إسرائيل السابقة حكومة أولمرت ناقشنا كل هذه القضايا بالتفصيل'، مبينا أن هناك 'صعوبة بإقناع الإسرائيليين أو قبولهم بهذا البند أو ذاك، فبعضهم يتشدد هنا وهناك، لكن هذه المبادئ هي القضايا الأساسية المقدسة، ولا يمكن أن نقبل التنازل عنها، ونحن ملتزمون بقرارات الشرعية الدولية، ومبادرة السلام العربية التي شكلت حلا أساسيا للقضية الفلسطينية، هذا الحل معروف وهو أن على إسرائيل أن تنسحب من جميع الأراضي العربية والفلسطينية المحتلة، وتقوم دولة فلسطين ويحصل اللاجئون على حقوقهم، ويعترف العرب والمسلمون بوجود دولة إسرائيل'.
وقال السيد الرئيس إن مسألة القدس تحتاج إلى جهود جميع العرب والمسلمين، تحتاج إلى الاهتمام العملي والبذل العملي لإبعاد الشبح الإسرائيلي عن تغيير معالم القدس، وإن إسرائيل يوميا تعمل على تهويد وتغير معالم القدس من خلال الاستيطان والهجوم، وعدم السماح بالبناء، والهجمات على المسجد الأقصى كما يحدث في هذه الأيام، مشددا على أن الشعب الفلسطيني يقاتل بأظافره، لكن هذا يحتاج إلى جهد عربي وإسلامي كبير بأن تصب الأموال،.
وبين 'أن إسرائيل والصهيونية العالمية تصب مليارات الدولارات من أجل شراء الأراضي والبناء هنا وهناك، ومع الأسف الجهود العربية شحيحة جدا في هذا الموضوع'.
وأضاف: 'نحن لا نريد حناجر، نريد إمكانات واقعية على الأرض، يمكن أن تخرج المظاهرات والأصوات والنتيجة تبقى الأرض تحت السيطرة الإسرائيلية ماذا نستفيد من هذا، نريد جهد عملي عندما نقول القدس عاصمة الثقافة العربية وجبنا معظم العالم العربي، هذا يتطلب جهود حقيقية لمنع تغير معالم القدس، ووقف الزحف الصهيوني على القدس، لا نكفي بالقول على الفلسطينيين أن يعملوا، الفلسطينيون يعملون ويستشهدون، الانتفاضة الثانية انطلقت بسبب زيارة شارون للقدس وتدنيسه للحرم، واستمرت سبع سنوات، إذا القضية تحتاج إلى تضافر أكبر وشيء عملي أكثر'.
وتابع سيادته: 'لا يكفي أن نتحدث عن القدس في المناهج العربية، وتاريخ القدس وخصوصية القدس، علينا أن نعمل من أجل القدس، ممكن أن نضع القدس في كل المناهج العربية والإسلامية، ويمكن أن يتحدث خطباء المساجد كل يوم جمعة عن القدس والنتيجة مجرد حديث في حديث'.
وأشار سيادته إلى 'أننا الآن على أرضنا قمنا بثورات، وتاريخنا مليء بالثورات التي لم تتوقف وآخرها انتفاضة الأقصى التي انطلقت عام 2000، فالعمل العسكري الذي قام به الشعب الفلسطيني والدول العربية والحروب التي قادتها الدول العربية نتيجتها لم تؤدي إلى شيء، فدخلنا في مفاوضات في أوسلو وما بعد أوسلو وغيرها'، وأوضح أنه إذا كان هناك 'جهد آخر غير المفاوضات أبحث عنه، نحن نجند الرأي العام العالمي، ونجند الدول الكبرى والأوروبية والشرق والغرب من أجل الوقوف إلى جانبنا وجانب حقنا، هذا أكثر ما يمكن أن نعمله، لا نستطيع أن نعمل شيء، إذا كان هناك حلول أخرى فقلوبنا وعقولنا مفتوحة لكن لا اعتقد أن هناك ما يتاح لنا، غير أن نصمد على أرضنا ونقول نحن طرف رسمي، وجاهزون للحلول الشرعية وتطبيق الشرعية، وإن العالم لم يكن يقف معنا والآن بدأ أكثر فأكثر يقف إلى جانبنا في المحافل الدولية'.
وقال: 'أكثر من مرة طرحنا في القمم العربية وقلنا أمامنا ثلاثة حلول، الحل الأول الحرب، والثاني اللاحرب واللاسلم، والثالث العمل السياسي، ولقد جربنا الحرب، واللاحرب واللاسلم لا فائدة منه، والحل السياسي المتبلور الذي تضمنه المبادرة العربية التي علينا أن نتمسك بها وأن نقاتل من أجلها، ونعمل على تشغيلها وتطبيقها، وإذا كان هناك حل رابع فأنا لم أسمع به'.
وأضاف: 'سمعنا من الحكومة الأميركية السابقة والحالية أمور جيدة ونريد الالتزام بها، سمعنا منهم أنه لا بد من إقامة دولة فلسطينية مستقلة قابلة للحياة تعيش جنبا إلى جنب مع دولة إسرائيل وهذا كلام جيد، وسمعنا إنهاء الاحتلال الذي وقع عام 1967، ووقف الاستيطان بكل أشكاله، كل هذا الكلام جدي لكن من المهم بالنتيجة التطبيق، الذي لا يأتي إلا بأن تستعمل هذه الدولة العظمى وزنها للتطبيق'.
وتابع السيد الرئيس: 'الزيارة الأخيرة إلى نيويورك شملت لقاءا ثنائيا مع الرئيس أوباما الذي أصر على اللقاء الثلاثي مع رئيس الوزراء الإسرائيلي، نحن كنا مترددين في هذا اللقاء لأننا كنا نرى أنه لا فائدة من هذا اللقاء، كنا نتصور من هذا اللقاء أن أميركا يمكن أن توقف الاستيطان، وأن نتحدث عن المرجعية للعمل السياسي ولا ننطلق منها من حيث انتهينا إلا أنه لم يحصل هذا، ومع ذلك ذهبنا كي لا يقال أننا كنا سبب في تعطيل شيء ما، وبالتالي لو لم نذهب في هذا اللقاء الذي انتقدنا عليه من بعض المحافل العربية وغير العربية والفلسطينية أنه ما الفائدة، قلت إننا لم نخسر شيء، ولكن لو لم نذهب لانتقدنا الجميع وسيقال لنا لو ذهبتم لحصلتم ربما على تحرير فلسطين، كان الذهاب لسد الذرائع، ونقول نحن جاهزون ونحن لا نخاف من اللقاءات، ولكن يهمنا أن تكون المفاوضات على أسس واضحة لم يحصل هذا ولم نخسر شيء'.
وأشاد السيد الرئيس بجهود اليمن الشقيقة في دعم الشعب الفلسطيني والوقوف بجانبه في المحافل الدولية، مضيفا أن اليمن دولة شقيقة و'كنا نقول دائما أن الشق الثاني من اليمن هو فلسطين كما كان يقولها الرئيس الراحل الشهيد ياسر عرفات'.
وشدد سيادته على أن 'علاقتنا مع اليمن وثيقة جدا، وأن اليمن يساعد ويدعم القضية الفلسطينية بكل ما لديه من إمكانات وطاقات على مدى السنين الطويلة التي مررنا بها، وهذا يتطلب منا أن نتشاور ونتحدث ونتبادل الآراء والمواقف في كل ما يجري بيننا، وكل ما يجري عندنا، لذلك كان لا بد من هذه الزيارة لنتحدث عن زيارتنا الأخيرة إلى نيويورك، واللقاءات التي تمت سواء اللقاء الثنائي أو الثلاثي، وكذلك الموقف الأميركي والإسرائيلي، والحوار الفلسطيني، وحتى نطمئن على اليمن الشقيق للأحداث التي سمعنا عنها، ويهمنا أن نعرف ماذا يحدث والحمد لله أننا إطمأنينا أن هذه البلد معافى وموحد'.