في العام 1942 التحق ياسربالمدرسة الثانوية وهوفي الثالثة عشرة من عمره، و بدأ يوسع معارفه من خلال قراءة الصحف والمجلات و الكتب المتنوعة من الخفيفة إلى الأدبية والدينية والتاريخية. ومع قدوم ابن عمه محمد جرارعرفات القدوة من غزة إلى القاهرة لدراسة الادب في جامعتها " جامعة فؤاد الأول " أضاف ياسر إلى مكتبته الشخصية مجلدات في علم السياسة والتحليلات السياسية حصل على بعضها من محمد جرار الذي عاش مع أسرة ياسر في السنوات 1941-1946.
وفي هذه المرحلة فهم ياسر وعاش معنى التسامح الديني ،فقد كان بين جيرانه واصدقائه المسلم والمسيحيي واليهودي ، وفيها أيضا بدأنشاطه السياسي مبكرا من خلال المناقشات السياسية التي انخرط فيها ياسر، وكانت تدور حول تحرير الوطن والاستعمار ، ومبادىء العدالة والثورة وحقوق الإنسان.
وخلال سنوات دراسته في المرحلة الثانوية تعرف ياسر بفتاة تقيم في المنزل المجاور لمنزله. كانت بين الأسرتين علاقات صداقة، فيذهب ياسر وجارته "نادية" معا إلى المدرسة مرة في الأسبوع، وربما مرتين، ويقطعان الطريق بطولها في الثرثرة. أحبها ياسر حبا جما. ذلك النوع من الحب الأول الساذج، النقي ، الأفلاطوني بحسب تعبير شقيقه فتحي، الذي قال أن هذا الحب قد انتهى مع بدء انشغال ياسربالسياسة.
وطرأت تغيرات كبيرة في حياة أسرة ياسرعرفات خلال دراسته في المرحلة الثانوية :ففي العام 1942تزوجت يسرى شقيقة ياسر من جرير القدوة الذي كان يعمل مدرسا في مدرسة خان يونس الثانوية،وفي العام التالي 1943 توفيت زوجة الاب السيدة نظيرة.وفي العام 1944 تزوج عبدالرؤوف من زوجته الثالثة " فاطة الزهراء حمدي"، وهي مصرية انجبت له محسن وميرفت ومديحة .
وفي العام 1947 تزوجت إنعام من ضابط في الجيش المصري استشهد أثناء مشاركته في حرب 1948 .وهي نفس السنة التي انتقلت فيها الاسرة إلى بيت جديد في منطقة "هليوبوليس" بالقاهرة.
ومع انتهاء الحرب العالمية الثانية 1945 كانت قضيتا التحررمن الاستعمار وهجرة اليهود إلى فلسطين من أبرز القضايا التي تتصدر النقاشات السياسية واهتمامات الاحزاب في فلسطين والدول العربية .وكان الطلاب يعلنون انتماءاتهم السياسية ، ومال ياسر عرفات في هذه المرحلة إلى ما كانت تطرحه حركة "الإخوان المسلمون" من أفكار، خاصة لأنها كانت ترفض الأطماع الصهيونية في فلسطين، لكنه لم ينتم إليها البتة.
وكان ياسر يتردد كثيرا على بيت الشيخ حسن أبو السعود في القاهرة التي أقام فيها بعد ان نفته سلطات الانتداب البريطاني من فلسطين في العام 1945.وكان منزل الشيخ حسن يستقبل رجال الدين والعلم والسياسة والنضال في مصر والعالم العربي،ما أفاد ياسر ووسع من علاقاته ومداركه.
وفي العام 1947 انتقل ياسر إلى مدرسة كبيرة هي" مدرسة الملك فاروق الأول الثانوية"حيث ساهم ياسر مع مجموعة من اصدقائه في تحويلها من مدرسة هادئة لا تشارك في التظاهرات والمسيرات الطلابية إلى المدرسة الاكثرفاعلية في تنظيم التظاهرات وإطلاقها.وتم ايقاف ياسرعن الدراسة عدة مرات بسبب مااعتبره ناظر المدرسة"المدير" الدور القيادي لياسرفي التظاهرات .
وبعد صدور القرار 181عن الجمعية العامة للامم المتحدة في 29 تشرين الثاني /نوفمبر1947 تصاعدت حدة التظاهرات في العاصمة المصرية ،وشارك فيها ياسر وشقيقه فتحي وتعرضا للضرب بالهراوات عدة مرات ، ولأن ياسر كان يتقدم الصفوف في التظاهرات فقد كان يتعرض للاعتقال في مرات كثيرة.
وبدأياسر في نفس السنة 1947بالمساهمة مع مصريين وفلسطينيين آخرين في عمليات شراء وجمع الأسلحة خاصة من البدو في صحراء العلمين بمصر وذلك لحساب "قوات الجهاد المقدس "بقيادة عبد القادر الحسيني الذي كان يتلقاها في بيته بالقاهرة ثم يرسلها إلى فلسطين .