بيت لحم -معا- أعلن عضو اللجنة المركزية لحركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح" محمد دحلان، أن القيادة الفلسطينية ماضية قدما وعلى كافة الأصعدة العربية منها والدولية لتفعيل مناقشة تقرير غولدستون، أمام لجنة حقوق الانسان الدولية.
وقال:" بأن الخطأ التكتيكي الذي ارتكبته القيادة الفلسطينية في موضوع تأجيل مناقشة تقرير غولدستون لا يبرر هذه الهجمة الشعواء التي شنتها حركة حماس بهدف ضرب الشرعية الفلسطينية ممثلة بالرئيس محمود عباس ونوه بان حركة "فتح" كانت أول من طالب الرئيس بتشكيل لجنة للتحقيق في ملابسات القضية وان على الجميع انتهاء اللجنة من اعمالها وصدور قرارها.
وأكد دحلان انه لم تكن هناك أي صفقة سياسية وراء تأجيل مناقشات التقرير وردا على سؤال ما إذا كانت السلطة الوطنية قد تلقت وعدا اسرائيليا بتجميد الاستيطان مقابل تأجيل مناقشة التقرير قال دحلان: "حبذا لو كانت هناك صفقة من هذا القبيل. لم تكن هناك أي صفقة وكل ما هنالك أن اعتبارات تكتيكية قادت إلى اتخاذ قرار التأجيل ومع ذلك فقد قبل الرئيس تشكيل لجنة التحقيق وسارع إلى إعطاء التعليمات باستئناف جهود طرح التقرير للنقاش حتى دون أن ينتظر نتائج لجنة التحقيق.
وقال إن حركة "فتح" تدرك والجميع يدرك معها أن هناك واقعاً ذاتياً وموضوعياً غاية في الصعوبة والتعقيد يفصلن الشعب الفلسطيني عن تحقيق أهدافه الوطنية وأن العمل الشاق والمضني والمتواصل هو الذي يصل الحلم بالحقيقة، ويحول الامل إلى واقع يضمن لشعبنا عودته وحريته واستقلاله. وقال إن حركة "فتح" نفضت عن نفسها غبار الماضي وسارت بخطى ثابتة نحو التجديد والتفعيل وأنها تستعيد مكانتها الحقيقية كحاضنة للمشروع الوطني الفلسطيني.
جاء ذلك خلال استضافة جامعة القدس في حرمها الرئيس في ابو ديس محمد دحلان ابو فادي حيث كان في استقباله رئيس جامعة القدس الأستاذ الدكتور سري نسيبة ومساعده للشؤون الإدارية والمالية أ. عماد ابو كشك ومساعده للشؤون الخارجية الدكتور زكريا القاق، ومديرة العلاقات العامة.
وبدأ ابو فادي زيارته إلى الحرم الجامعي الرئيس بالوقوف على منظر عام توضح معالمه الإجراءات الإسرائيلية وسياسية التهويد التي تنتهجها الحكومة لتفريغ القدس من الفلسطينيين وعزلهم عن مدينتهم المقدسة، كما واطلع على الانجازات التي حققتها الجامعة في مجال البنية التحتية والمشاريع الحيوية في حرمها.
وفي زيارة إلى المتاحف في الجامعة، بدأت جولته من متحف الرياضيات الذي أسسته الجامعة لأول مرة في العالم العربي، ويضم معروضات تفاعلية تستهدف طلبة المدارس بالدرجة الأولى لتعلم الرياضيات من خلال التفاعل مع التجربة لفهم النظرية. وانتقل الوفد بعد ذلك لزيارة المعهد العالي للآثار، حيث اطلع على انجازات طلبة برنامج الصيانة والترميم الذي يعتني بدرجة كبيرة بترميم اللوحات الفسيفسائية الأثرية في فلسطين، كما واطلع على بعض المعروضات الأثرية حيث يجري المعهد بحوثه في الخرب والمواقع الأثرية بالتعاون مع الجهات المختصة في فلسطين والمؤسسات ذات العلاقة في ايطاليا.
ومن الآثار توجه الوفد لزيارة متحف ابو جهاد لشؤون الحركة الأسيرة، حيث التوثيق الأضخم لكل ما يتعلق بالحركة الأسيرة داخل السجون الإسرائيلية، من الإحصائيات المختلفة، إلى مواقع السجون، أساليب التعذيب، أدوات استخدموها الاسرى للتواصل مع الخارج، إنتاجهم الفني والأدبي، وأخيرا قدرتهم العظيمة وتأثيرهم على الساحة الفلسطينية برغم وجودهم داخل زنازين مغلقة. ومن المتاحف إلى الانجازات على صعيد البرامج الأكاديمية المتميزة في الشرق الأوسط- حيث التقى بعميد كلية الآداب الدكتور منذر الدجاني ومدير معهد الدراسات الإقليمية الدكتور ابراهيم الخواجا، وعدد من رؤساء برامج الدراسات الأمريكية- الدراسات الإسرائيلية والأوروبية، ومنها الى الانجازات البحثية في جامعة القدس على المستوى العالمي.
وزار دحلان مختبر الفيروسات في الجامعة الذي تمكن مؤخرا من اكتشاف الترتيب الجيني لفيروس انفلونزا الخنازير لأول حالة أصيبت في فلسطين وذلك للمرة الأولى في العالم العربي، حيث قام الباحثون في المختبر بتسجيل الترتيب الجيني لدى بنك الجينات الدولي. وقبل لقاءه بطلبة الجامعة، زار دحلان معهد الطب العدلي، واطلع على موقع تشريح الجثث والآلية التي من خلالها يستقي طلبة الطب المعلومة عملياً في مجال التشريح، وطلبة الحقوق في مجال البحث الجنائي.
وبعد ان انتهت الجولة، انتقل محمد دحلان إلى قاعة المؤتمرات الرئيسية وجمع غفير من طلبة وأساتذة الجامعة في لقاء عام للحديث عن آخر المستجدات على الساحة الفلسطينية. وقبيل بدء دحلان بالحديث رحب الدكتور موسى الدويك أستاذ القانون الدولي في كلية الحقوق في الجامعة بالضيف مقدما لمحة موجزة عن انجازاته.
واستهل دحلان محاضرته بالحديث عن سعادته وسروره وهو يقف في جامعة القدس، هذا الصرح الأكاديمي والحضاري والثقافي الذي يمثل أحد أهم انجازات شعبنا الفلسطيني، ويمثل تحدياً لأن جامعتكم تحمل اسم القدس وعلى أرض القدس التي لن نقبل بديلاً لها عاصمة أبدية لدولتنا الفلسطينية المستقلة على حدود الرابع من حزيران عام 1967[/
size]
[size=18] نجاح التجربة الديموقراطية في "فتح"
وحول نتائج المؤتمر الحركي السادس قال دحلان إن حركة "فتح" نجحت في عقد مؤتمرها السادس واختارت هيئاتها القيادية بشكل حر وديمقراطي وتدرك أنها أمام تحديات كبيرة، ولذلك فهي تنفض غبار السنوات الماضية وتحولت إلى ورشة عمل ضخمة بدأنا نلمس نتائجها في وحدة الخطاب السياسي والإعلامي.
وقال إن لدى حركة "فتح" اليوم ثقة أكبر بالنفس مستمدة من طبيعة "فتح" الوطنية الديمقراطية التعددية، ومن رصيدها الثقافي، وقبل كل شيء من إرادتها وقرارها على تجديد نفسها ومواصلة قيادة المشروع الوطني وحمايته حتى تحقق كل أهدافه. وخلص إلى القول في الشأن الفتحاوي بأن نجاح الحركة في عقد مؤتمرها السادس وانتخاب هيئاتها القيادية بشكل ديمقراطي، ونجاح منظمة التحرير الفلسطينية في إعادة بناء لجنتها التنفيذية أخاف طرفين هما إسرائيل أولاً التي وجدت أمامها نظاماً سياسياً فلسطينياً قوياً ومتماسكاً وشريكاً حقيقياً لعملية سلام حقيقي وحركة حماس ثانيا التي رأت في النجاح الفتحاوي تهديداً لها ولشعبيتها الانتخابية في الشارع الفلسطيني.
جولة ميتشل
وحول الجهود الأمريكية لاستئناف المفاوضات وجولة المبعوث الأمريكي الخاص إلى المنطقة جورج ميتشيل قال دحلان إن حركة "فتح" رحبت وترحب بالجهود الأمريكية ولكنها في الوقت ذاته تشعر بخيبة أمل وقلق كبيرين من تراجع الإدارة الأمريكية وتخليها عن مواقفها المعلنة مع بداية مهمة ميتشيل التي أيدت فيها مبدأ التوصل إلى حل الدولتين والتمسك بمرجعيات السلام ومبدأ تجميد الاستيطان الإسرائيلي تجميداً تاماً.
وأضاف أن لدى "فتح" قلقا إضافيا حيال الصمت الأميركي تجاه الهجمة الإسرائيلية الشرسة في القدس المحتلة وخاصة استهداف المسجد الأقصى المبارك والحرم القدسي الشريف، ومن مجمل مخططات إسرائيل الاستيطانية التي تهدف إلى فرض واقع إسرائيلي بالقوة وإلى إخراج القدس من مفاوضات الحل النهائي.
وأكد دحلان أن "فتح" تدرك تماما نوايا إسرائيل وأهدافها من وراء تصعيدها الخطير في القدس وهي التهرب من استحقاقات عملية السلام وحل الدولتين وإعادة المنطقة إلى دائرة العنف والمواجهة. وطالب إدارة الرئيس أوباما العمل وبشكل فوري على إنقاذ عملية السلام المنهارة على أساس الالتزام بمرجعيات عملية السلام ومبدأ حلّ الدولتين على أساس حدود الرابع من حزيران 1967 ووقف الاستيطان وقفاً تاماً بما في ذلك القدس الشرقية وعدم استثناء أية قضية من قضايا الحل النهائي وهي اللاجئين والقدس والاستيطان والحدود والمياه وعدم القبول بالحلول المؤقتة التي تحاول إسرائيلي فرضها على الشعب الفلسطيني.
تقرير غولدستون:وحول تقرير غولدستون قال دحلان إن حركة "فتح" تفتخر بهذه الديمقراطية الفلسطينية التي شاهدناها في الأيام الأخيرة حول تأجيل قضية تقرير غولدستون. وأضاف بان هذا المشهد الديمقراطي من النقد والنقد الذاتي الجريء والجاد هو أمر نعتز به، ولكن يجب أن نميز بين النقد بهدف التصحيح وإعادة البناء وبين التخوين والتشهير والتشكيك الذي يسعى لتدمير البيت الفلسطيني لمصلحة تنظيمية وفئوية ضيقة تصب في مصلحة المحتل الإسرائيلي.
وأشار إلى أنه بعد تأجيل مناقشة تقرير غولدستون نلاحظ الحملة المركزة والتي باتت واضحة الأهداف ومعدة سلفاً ومخططا لها للنيل من رأس الشرعية الفلسطينية أي من الرئيس محمود عباس ومن منظمة التحرير الفلسطينية.
وقال دحلان إن القيادة الفلسطينية والسلطة الوطنية تتعاملان بشفافية ومسؤولية مع قضية تقرير غولدستون وتقومان بمعالجة الخطأ من خلال اللجنة التي شكلها الرئيس أبو مازن لبحث ملابسات هذه القضية، وتتوقع أن تنتهي هذه اللجنة من عملها وأن تقدم تقريرها خلال أسبوع.
وشرح أن الرئيس أبو مازن اصدر تعليماته بمتابعة التقرير وإعادته إلى مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في جلسة استثنائية. وهناك توجهات واضحة لمندوب فلسطين في هذا المجلس من أجل جمع موافقة 16 دولة لعقد هذه الجلسة فيما جدد دحلان دعم السلطة الوطنية ومنظمة التحرير وحركة "فتح" موقف الشقيقة ليبيا في عرض التقرير أمام مجلس الأمن الدولي وصولاً إلى محاسبة المسؤولين الإسرائيليين المتورطين في جرائم الحرب وتقديمهم للعدالة الدولية.
الحوار مع حماس
كما تناول دحلان في محاضرته الموقف الفتحاوي من مسألة الحوار مع حركة حماس وجهود المصالحة وانتقد في هذا السياق المسار الأحادي الذي تنتهجه حماس والذي لا يعترف بصميمه بالآخر ولا يرغب بالحوار مع احد، مؤكدا ان هذا النهج وما يرافقه من سياسة إعلامية تستهدف النظام السياسي الفلسطيني برمته وعلى رأسه الرئيس محمود عباس من جهة، ويخدم بلا شك المخطط الإسرائيلي من جهة اخرى، لا سيما وان التحركات الأخيرة لحماس على صعيد المصالحة الوطنية، تشير بما لا يدع مجالا للشك، إلى قرارها الداخلي إبقاء حالة الانقسام والتهرب من استحقاقات المصالحة الوطنية وتوحيد الصف الفلسطيني، داعيا حماس الى تكريس جهودها الإعلامية والسياسية لمواجهة المخططات الإسرائيلية، والى مقابلة الإرادة الفتحاوية بالمثل كي ننقذ مشروعنا الوطني وحقوق شعبنا الفلسطيني في الحرية والاستقلال.
من جهة أخرى أكد دحلان على انه في حال لم يصدر قرار تأجيل مناقشة تقرير جولدستون، وسارت الأمور في الاتجاه حيثما وجب، لكانت حركة حماس، التي انتقدها تقرير جولدستون كما انتقد قادة الحرب الإسرائيليين على غزة- أول من هاجم الرئيس ابو مازن لتتهمه بمحاولة تقديم المقاومة الفلسطينية في غزة للمحاكمة.